top of page
Search

ورود والزمن

Updated: Nov 17, 2023

الفصل الأول: بين الماضي والحاضر


في ليل حالك ظلامه جلست تفكر وثم بكت ولم تلبث طويلا حتى بدأت تصرخ داخل غرفتها الموحشة محاطة بجدران كانت تراقبها، كان الحزن يسكن قلبها فتمر بمراحل الألم نفسها كل ليلة وهي تفكر بمن قتلها ثم تبكي على حالها وأخيرا تصرخ طالبة المساعدة. كانت تبحث عن شيء يخرجها من حزنها، عن شخص يقتلع الحقد من قلبها. بعد بكاء وصراخ تجد نفسها متعبة فتستلقي على سريرها واضعة رأسها المليء بالذكريات على وسادة ملت بلل الدموع وصوت النحيب. كانت تعجز عن النوم كأن الوسادة تطردها وحين تمر ساعات من محاولة النوم بطريقة طبيعية تفتح الدرج المجاور لسريرها وتخرج علبة دواء توصف لمن يعانون من الأرق فتتناول نصف حبة وتترك النصف الآخر راجية ألا تحتاج لتناوله فيما بعد فهذا العقار يجعلها متعبة أثناء يومها وهي بأمس الحاجة إلى طاقتها. تنجح أخيرا في إغماض عينيها وإراحة جسدها لكن عليها أن تستيقظ باكرا كي تقصد عملها. صوت المنبه هو أكثر الأصوات إزعاجا لأنه يوقظها من أحلامها لتعيش واقعها. 20 يناير يعتبر يوما مهما في حياتها وفصلا أساسيًا في قصتها. ترتدي المعطف الوحيد الذي تملكه والحذاء الذي لم ترتدي غيره منذ ثلاثة سنوات، القميص والسروال يبدوان في حالة جيدة لأنها اشترتهم منذ وقت قريب خلال تخفيضات الموسم، ثم تحمل حقيبة اليد البالية التي أعطتها إياها إحدى زبائن المحل الذي تعمل فيه ورغم ما أنف ذكره عن لبسها إلا أنها تبدو أنيقة، قبل خروجها تلقي نظره أخيرة على منظرها في المرآه وتسرح شعرها البني القصير بيدها ثم تتجه نحو باب غرفتها بخطوات ثابتة حتى لا توقظ جاراتها اللاتي أمضين الليلة في أعمال مختلفة فمن هن من تعمل في أحد المستشفيات كممرضة وأخرى تساعد بعض الأطفال في دروسهم مساءا بعد رجوعهم من المدرسة وهناك من دخلن عالم الترفيه ولم يخرجن منه. حابسة أنفاسها تفتح الباب وتدير مقبضه بهدوء ثم تخرج وتغلقه بنفس الهدوء. الآن هي أمام درج يخرجها للشارع وبدلا من نزوله كما يفعل كل سكان العمارة، الدرج الذي أمامها تتجاوزه صعودا حتى تصل إلى الشارع لأن الشقة التي تسكنها في القبو. كانت الشقة تتكون من خمس غرف اثنان فقط منهما بحمام بينما يشترك البقية في حمام واحد قرب المدخل مباشرة. كان المطبخ صغيرا جدا لهذا كان على البنات الثمانية الساكنات بهذه الشقة التناوب على استخدامه وتنظيفه, لم يكن هناك غرفة معيشة لأن المالك فضل استخدامها كغرفة نوم لأختين يتشاركانها وبهذا يكون له دخل إضافي.


تخرج من العمارة إلى الشارع، تقف في برد قارص وتتنهد قائلة "أتمنى أن أجد مقعدا في الباص" بعد أن تلت أمنيتها تلك كصلاة توجهت نحو موقف الباصات وأخرجت هاتفها من جيبها لترى الساعة وتتأكد أنها لم تتأخر على عملها، بعد وقوفها في البرد والظلام لأكثر من نصف ساعة في هذه الصبيحة الشتوية التي تأبى فيها الشمس أن تستقيظ باكرا. وقف الباص أخيرًا ووفقت ورود بمقعد قريب من الباب فجلست وأخرجت من حقيبتها كتاب فن اللامبالاة وبدأت بالقراءة بشراهة حتى تأكل أكبر عدد ممكن من الصفحات قبل الوصول إلى محل عملها وهو محل ملابس جاهزة بدأت العمل به كبائعة منذ خمس سنوات، أما اليوم فإلى جانب مهامها كبائعة تقوم بتنسيق الأزياء المعروضة في واجهة المحل.


كعادتها كانت أول الواصلين، ففتحت الباب وبدأت بتنظيم وترتيب كل شي قبل أن تستقبل الزبائن. ورود لم تتذمر يوما من عملها لأنها تحب الأزياء وتهوى تنسيقها رغم أنها درست علم المكتبات في أحد الجامعات ببلدها الأم ولم توفق في إتمام دراستها لأسباب تعود لأحداث حصلت في مثل هذا اليوم من حياتهاإلا أنها تقول دائما مازحة "إذا كانت العوالم الموازية حقيقة فأنا حتما مصممة أزياء في إحداها وشهرتي لن تقل عن شهرة إيلي صعب في عالمنا"...


من بعيد رأت أول زبونة تقترب من المحل ومعها ابنتها وفي نفس الوقت وصلت زميلاتها صوفيا، حيتها صوفيا لكنها لم تكترث كثيرا لها لأنها كانت تنظر إلى الطفلة الصغيرة التي بدت مهندمة لكن بيدان متسختان من قطعة الكرواصون بالشكولاتة التي كانت تمسكها قبل دخولها إلى المحل وطلبت منها والدتها إما أن تكملها أو ترميها في الحاوية الموجودة في آخر الشارع فاضطرت البنت الصغيرة إلى أكلها على عجل.


يتبع...




310 views7 comments

Recent Posts

See All

7 Comments

Rated 0 out of 5 stars.
No ratings yet

Add a rating
Abid Hussain
Jun 13, 2023

Rose continues to observe the little girl as she enters the store with her mother. She notices the longing in the girl's eyes as she looks at the neatly arranged clothes on the racks. Rose empathizes with her, remembering her own childhood struggles and dreams.


As the customer and her daughter approach, Rose puts on her professional smile and greets them warmly. She assists them in finding the right clothes, offering suggestions and recommendations. Despite the store's limited selection of affordable items, Rose tries to make the shopping experience enjoyable for the little girl.


While helping them, Rose engages in light conversation with the mother, asking about their day and making small talk. She discovers that the mother is a…


Like

bosymouris
Jun 08, 2023
Rated 5 out of 5 stars.

قصة شيقة جداً في انتظار البقية حبيبتي 😍

Like

Eva Ald
Eva Ald
May 11, 2023
Rated 5 out of 5 stars.

رائعه بإنتظار البقيه. كوني بخير عزيزتي

Like

merzoukdihia
May 11, 2023
Rated 5 out of 5 stars.

بالتوفيق انشالله

بانتظار بقية القصة. .

Like

Mustapha Jad
Mustapha Jad
May 10, 2023
Rated 5 out of 5 stars.

ماشاء الله اسلوب شيق وجميل….نريد بقية القصة

Like
Post: Blog2_Post
bottom of page